السبت، 9 أبريل 2016

(سيرة) الشهيد محمد فهمي الدحدوح

الشهيد المجاهد محمد فهمي الدحدوح أبو البراء



الميلاد والنشأة
بعد نشوة الانتصار الوحيد للعرب عام 1973م وبعيد سنوات في وسط حي الزيتون وسط قطاع غزة وعلي أنين اليتامى والثكالى والأرامل ، كان يوم السادس عشر من عام 1978م هو يوم وموعد حي الزيتون وفلسطين ببزوغ ومولد فارس جديد من فرسان القسام
كان ذلك بميلاد الشهيد القسامي المجاهد محمد فهمي الدحدوح ( أبو البراء ) ولد وسط جو إسلامي وإيماني أحاط به من كل جانب ، فعائلة محمد من العائلات التي عرفت بشدة التزامها منذ القدم بتعاليم الإسلام ومبادئه الجهادية والإيمانية ، وهكذا فقد أخذت عائلة الدحدوح علي عاتقها تربية أبنائها وشبابها علي المبادئ الإسلامية السمحة .
والد شهيدنا محمد رزقه الله بسبع أبناء وخمس بنات ليكون قدر أبو البراء في المركز الثامن فيما بينهم ، ولعل ما تمتع به محمد من الروح المرحة الخفيفة جعل جميع أفراد عائلة محمد يحبونه حبا شديدا كما تبادل معهم ذلك الحب ، وجعلهم كم يتمنوا قضاء الأوقات بصحبته وبجواره .
البراء أول الغيث
لم يكن شهيدنا محمد كغيره ممن تربوا في الشوارع والطرقات ، إنما كانت نشأته بعيدة عن كافة أشكال اللهو والفساد فقد تربي علي حب الله ورسوله ( صلي الله عليه وسلم ) ، كما اعتاد تلاوة القرآن الكريم وحفظه ، فقد أقبل علي كتاب الله إقبال الظمآن للماء البارد .
بعد هذا الغيض من الفيض من قضاء لأيامه وسط بؤس الحياة وشظفها نبغ شهيدنا في مجال الرسم والخط وأخذ من الخط مهنة له حتى ينال لقمة عيشه ولقمة عيش عائلته من عرق جبينه ، وما هي إلا أيام قضاها شهيدنا حتى أخذ يفكر في إتمام وإكمال شطر دينه الآخر اقتفاء بسنة الحبيب المصطفي ( صلي الله عليه وسلم) فتزوج من ابنة عمته ، فكانت نعم الزوجة الصالحة المؤمنة الصابرة ، فقد كانت له المعينة علي تحدي صعاب الحياة ومتاعبها ، ولا نزكي علي الله أحدا ، وما هي إلا عدة أشهر حتى رزقه الله بولده البكر والذي أسماه ( براء ) ، وبالطبع لم يعلم براء أن والده سيكون شهيدا بعد ولادته بعدة شهور فقط ، لكن الأيام وحدها هي التي ستثبت بأن البراء سيكون بإذن الله كأبيه مناضلا شجاعا.
بارا بوالديه ...وطالبا في مدرسته
منذ أن وجد محمد على وجه الدنيا وجد منه النباهة والذكاء وحسن البديهة هذا ما أثار من كانوا حوله التحق شهيدنا مد إلى مسيرة التعليم فنال الشهادة الابتدائية من مدرسة صفد المجاورة لمنزله ووسط أخلاق وأدب امتاز بهما شهيدنا محمد استطاع أن يجتاز الدراسة الإعدادية وأن ينال الشهادة الإعدادية من مدرسة الإمام الشافعي ازدادت المتاعب والمصاعب على كاهل عائلته وعلى الرغم من ذلك فقد التحق للدراسة الثانوية بمدرسة عبد الفتاح حمود لكنه توقف وسط السنة الأخيرة له في تلك المرحلة على الرغم من تفوقه ولكن توقفه عن الدراسة بسبب صعوبة الحياة التي عاشتها أسرته وبعد توقفه عن مسيرته التعليمية أخذ يساعد والده في نيل لقمة العيش ومساعدته لوالده وعائلته بشكل عام جعل والده وأمه وإخوانه يحبونه حبا جما.
المعقل الأول المسجد
المسجد هو المكان الأول الذي كان شهيدنا يقضي معظم أوقاته فيه ، فقد التزم بمسجد صلاح الدين الأيوبي وسط حي الزيتون بينما كان في الخامسة عشر من عمره وكان سباقا دائما في تقديم المساعدة لمن احتاج إليها هذا بالإضافة إلى التزامه بصلوات الجماعة في المسجد وخاصة صلاة الفجر والالتزام بجلسات المسجد والحب في الله لشباب ورواد المسجد واعتاد شهيدنا كثرة التسبيح والذكر والدعاء كما أنه كان دائما يحمل المصحف في حله وترحاله وقبيل استشهاده بأيام معدودة فقط اهتم شهيدنا سماع الأغاني الحماسية والخطب الدينية لأبرز أئمة المسلمين.
دينامو المسجد
منذ التزام محمد بالمسجد صاحب الشخصية القوية والجسم القويم واللحية الخفيفة هذا بالإضافة إلى الابتسامة الدائمة على وجهه ورغم الألم الذي يمر به أبناء شعبنا الفلسطيني المرابط.
شارك شهيدنا في كافة ومعظم أنشطة مسجده الجماهيرية والشعبية وكان أحد المشرفين على تنظيم الرحلات لأبناء المسجد للترفيه عن الشباب هذا بالإضافة إلى تعليم وتدريب من أبناء المسجد على الخط العربي بأنواعه المختلفة وحسب قواعده الصحيحة.
أسد الكتائب وفنان اللوحة الحمساوية
منذ نعومة أظفاره عرف شهيدنا الحرية كما علم ذل الاحتلال لأهلنا وشعبنا فما كان منه إلا أن يحمل على عاتقه رفع المعاناة عن أبناء شعبه الفلسطيني المناضل .
انضم شهيدنا إلى صفوف حركة المقاومة الإسلامية حماس في بداية العام 1992م في جهاز الأحداث الخاص بالحركة وشارك في فعاليات الانتفاضة كتنظيم المسيرات وإشعال الإطارات هذا بالإضافة إلى ما تميز به من الكتابة على الجدران فجدران غزة وحدها هي التي تعرف ذلك الفنان القسامي الماهر .كما شهدت علي ذلك الانتفاضة الحالية التي اندلعت في التاسع والعشرين من سبتمبر من العام 2000 م.
وبعد اندلاع انتفاضة الأقصى المباركة بدأ شهيدنا محمد يفكر في طريق جديد لمقارعة الاحتلال فانضم للجيش الشعبي لحماس ولكن لم ينسني له العمل فيه وانتقل مباشرة إلى جهاز تصنيع القنابل اليدوية وتصنيع صواريخ القسام. 
تأثره وحديثه عن الشهادة
كما شارك شهيدنا المغوار في عمليات التصدي الغاشمة لأحياء القطاع المختلفة فقد غرفته أرض الشجاعية وأرض الزيتون في الاستبسال والتصدي للصهاينة.
وكان أبو البراء دائم الحديث عن الشهادة وأجر الشهداء وتمنى نيل الشهادة بكافة الوسائل والطرق حتى نالها وكانت مقولته المشهورة التي زين بها شوارع غزة "فراقي عزيز وأمنيتي أغلى" علاقة طيبه ربطت محمد بالشهداء زاهر و ياسين نصار فقد تأثر تأثرا شديدا باستشهادهم واستشهادهم جعله يتمنى لو أنه نال الشهادة قبلهم.
قصر شعره وتزين لحور العين
يقول صديقه عن ذكرياته مع محمد قال أتذكر موقفا لا أنساه وهو أن إدارة المسجد جلبت نعشا جديدا للمسجد وطلبت من محمد أن يكتب عليه بعض آيات القرآن الكريم وفور انتهائه من ذلك نام محمد على النعش وأوصاني أن يصلى عليه بعد استشهاده في المسجد "مسجد صلاح الدين".
وموقف آخر يوم استشهاده ذهب إلى الحلاق وقصر شعره ثم ذهب لصلاة الظهر وكان يبدو على وجهه علامات سرور وابتسامة شديدة وأخذ يصافح كل من يصادفه وبعد الصلاة انطلق إلى عمله في سبيل الله.
موعد مع الشهادة
كان ذلك يوم الخميس في تاريخ 31-10-2002م في منزل أحد المجاهدين بحي الصبرة وبينما كانت مجموعة من المجاهدين يعدون ويصنعون بعض العبوات المتفجرة انفجرت بهم العبوة فارتقى محمد ومن معه شهداء كما تمنوا نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحد.
ذهبت بجسدك يا أبا البراء ولكن ذكرياتك لا تزال باقية بين إخوانك وأهلك وأصدقائك وابنك البراء لا يزال بيننا وعهدا أن نبقى على طريقك سائرون ، وقسما سيبقي اسمك يا محمد منقوشا في القلب ومحفورا في الذاكرة ، وعهدا ... إننا لمسيرة نضالك مواصلين وعلى درب جهادك لسائرين .

رحم الله شهيدنا وأسكنه فسيح جناتهالفاتحة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق